٢٠٠٧/٠٦/١١

اللاذقية...محفظة كبيرة من الذكريات







الصليبة , القلعة , الشيخضاهر , المارتقلا , الأميركان حيث كانت مدرسة خالتي فكرية , الرمل الشمالي و الفلسطيني , وربما قنينص , حيث كان بيت أبو حسن , الذي كان يأتي لنا بالحليب و التوت الرومي والأبيض .. أحياء أحياء اللاذقية , تلك المدينة التي عندما ترى صورها تأتي دائماً بفكرة واحدة .. من هذا الغبي الذي لم يعرف كيف و أين يلتقط جمال هذه المدينة , يا ترى هل اللاذقية مدينة جميلة أم لاذقيتنا هي من تحتفظ بذلك الجمال و أعني ما يشعره أي منا , أي من البشر نحو بلدته أو مدينته ..مفروشات ذكرياته و مسرحها . لم أكتشف ذلك اليوم ولم أكن ناسياً أبداً كم كانت تعني لي هذه المدينة حتى وإن تغير وجهها القديم الجميل كما نحن ..حتى كورنيشها القديم بحديقته القديمة ( البطرني) وتلك الذكريات المتصلة بسنوات السبعينات حيث لا زالت رائحة شواء مطعم اسبيرو تذكرنا جميعاً بمقاهي الكورنيش المطمورة في ذاكراتنا جميعاً , بدءً من البحري انتهاءً برشو و الكازينو مروراً بفنيسيا و اللاكبان ثم نادي الضباط ومسبع جورج (نادي المعلمين) وفارس و الجمال الجسماني و نادي صف الضباط وصولاً إلى المسلخ , دون ذكر مايقع على الجهة الثانية من الكورنيش , حيث لم يطمر منه شيء سوى ماجرى تحديثه هنا وهناك وأعني ابتداءً من المندوبية الفرنسية ( المتحف الآن) مروراً بقصر بيت سعادة وقهوة شناتا وصولاً إلى أوتيل الجندول ..

ذكريات وذكريات , من منا ذكرياته قصيرة من منا عاش غربته دون ارتداء رداء الحنين والاشتياق البارحة كانت ذكرياتي مليئة بالأدرنالين نشيطة لدرجة تذكرت كل ماذكرته لك , تمشيت على الكورنيش ركبت الباص الأخضر الذي كنت أركبه مع جدتي في منتصف الستينات وصولاً للمساكن الشعبية حيث كان أخيها خيرات يسكن هناك , تسبحت في نادي المعلمين بكلسون عادي مزهر تصورت به مرة هناك مع أمي , أحسست ببرودة المياه في تلك البركة الطبيعية تعلقت على الحبل الثخين الذي يربط المسبح مع تلك الجزيرة الصغيرة ,ملئ فمي طعم المياه المالحة التي كنت ابتلعها كلما مرت موجتين متتاليتين وأنا متعلق بذلك الحبل الذي يعلو ويهبط كلما جاءت موجة كبيرة نسبياً , شربت كاسة بيرة مع أصدقائي لم نكن قد تجاوزنا الرابعة عشر على إحدى طاولات اللاكبان المرمية على تلك المصطبات الصخرية وتأتي موجة فيلفح وجهك ذلك الرذاذ اللذيد في صيف اللاذقية المعتدل قديماً ..

ونصعد إلى الشارع فندخل على محل للرماية كنا نسمية محل خربيت لعدم تمكنا من لفظ اسم صاحب المحل الأرمني ذو الشعر الكثيف الأبيض فأستطع اسقاط طابة البينغ بونغ التي تعلو وتهبط على نافورة المياه , نرجع للبيت مروراً ببار القط الأسود الذي لم أدخله في حياتي ثم نزورب وصولاً لنادي الناشئة

ومطعم طليطلة إلى كنيسة اللاتين الجميلة , مشيت طويلاً عل تلك الشوارع المليئة بحفر الشتاء السابق مررت على تكسي المرفأ ومعمل السينالكو صعوداً لمخبز عواد وسوق الخضرا وجامع غريب , كانت اللاذقية فيلم قصير قررت بعده أن أكتب عنها أسترجع بيدي وبعيني ما تعنيه الأماكن لي , احساس غريب عندما نمتطي حلماً ونمسك اللجام ونقود , نمشي الشوارع ونأكل الطعام , نتلذذ بنكهة المكدوس والزيت والزعتر , تدخل أنوفنا رائحة أوراق الشجر ونسمع أغنيات فيروز, ندعوا كل أصدقائنا من مات ومن بقي حياً وبعيداً ومن لم يمت بذاكرتنا , نحتفل بعيد كل المذنبين والمبعدين والمقهورين ونحرق اختلافاتنا ومشاكلنا و أحزاننا , تعلوا أصواتنا بأغنيات لم نحفظ منها سوى القليل والباقي يسد مكانه الصفير , لا .. لا مزيد من الفواصل فالرحلة و الحلم و الذاكرة قد أتعبوني .

إليكم من نتشارك تلك الكلمات على تلك الشاشات المتوهجة محبتي .

ليست هناك تعليقات: